ضرب فيروس كورونا المستجد جهود أنقرة لاحتواء حالة الانكماش التي تعرض لها الاقتصاد التركي في الآونة الأخيرة التي سبقت تفشي الفيروس، وهو ما دفع السلطات الرسمية لاتخاذ إجراءات تحفيز بالمليارات لإنقاذ الوضع الاقتصادي الحرج وسط دعوات إلى مزيد من الجهود خوفا من انهيار اقتصادي محتمل.
وبلغت حصيلة الوفيات جرّاء كوفيد-19 في تركيا 168 مع تسجيل 10 آلاف و827 إصابة، لكن تسري مخاوف من احتمال تدهور الوضع بشكل كبير.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في وقت سابق هذا الشهر عن حزمة بقيمة 15 مليار دولار لدعم الاقتصاد مع خفض الضرائب للأعمال التجارية وإجراءات لمساعدة العائلات ذات الدخل المحدود، إلا أن الخبراء يحذّرون من ارتفاع مرتقب وهائل في معدلات البطالة وانخفاض النمو.
ويشيرون كذلك إلى التداعيات المدمّرة المحتملة للوباء على قطاع السياحة الذي يؤمّن وظائف لمئات الآلاف.
وأفادت وكالة «مودي» للتصنيف الائتماني أنه من بين أعضاء مجموعة العشرين «ستكون تركيا الأكثر تأثرا بانكماش تراكمي في الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني والثالث بحوالي 7,0 بالمئة» في 2020.
وأضافت «مودي» أن «الصدمة ستصيب بشكل أكبر على الأرجح القطاعات ذات الصلة بالسياحة خلال الصيف».
مخاوف البطالة
وفي سوق مفتوح في أنقرة، بدا القلق على السكان من البطالة بينما تخوف التجار من إمكانية عدم تمكنهم من إطعام عائلاتهم.
وقال بائع الخضار محمد أرسلان إن الوضع «صعب» لأن زبائنه في الغالب من فئة المتقاعدين الذين طُلب منهم البقاء في المنازل.
وتساءل الشاب البالغ من العمر 35 عاما «إن لم نستطع تأدية هذه الوظيفة، كيف بإمكاننا أن نعيش؟».
وقال تجار آخرون أن المبيعات انخفضت بنسبة 70-80 في المئة.
وارتفعت نسبة العاطلين عن العمل إلى 13,7 بالمئة العام الماضي في حين لم تزد عن 11% في 2018، بينما وصلت نسبة التضخم إلى 12,37% الشهر الماضي.
وأبدت بيلغه جيهان (44 عاما) العاطلة عن العمل قلقها من تداعيات الوباء.
وقالت «كيف بإمكاني الاستمرار في البحث عن العمل؟ كيف سيكون شكل سوق العمل بعد كل هذا؟»، مضيفة أن مدخراتها لن تكفيها إلى الأبد.
بدوره، ذكر المحلل في مركز أبحاث «غلوبال سورس» أتيلا يسيلادا أن إجراءات السلطات التركية توافقت مع تلك التي اتخذتها بلدان أخرى «لكنها غير كافية إطلاقا بناء على التوقعات التي في ذهننا أنا وخبراء آخرين».
وحذر من خسائر عديدة في الوظائف مع إغلاق الكثير من المتاجر، وأوصى بأن تمنح الحكومة دعما ماليا بسهولة أكبر.
«أكتب شيكا»
وذكرت الحكومة في منتصف الشهر الجاري أن نحو 150 ألف عمل تجاري أغلقت مؤقتا.
وقال يسيلادا «الطريقة الأمريكية هي الطريقة الأكثر أمانا: أكتب شيكا ولا تسأل أي سؤال»، مضيفا «ذلك من أجل ضمان ألا تضر البطالة ببقية الاقتصاد».
وقال يسيلادا إن ميزانية الحكومة العام الماضي أنفقت «بسخاء»، مضيفا أن السيولة قد تنفذ وبالتالي قد تضطر السلطات إلى طباعة المزيد من النقود وهو ما من شأنه أن يزيد معدل التضخم.
لكنه أشار إلى أنه كان لدى تركيا خيار طلب أموال من صندوق النقد الدولي وهو أمر سبق وتعهّد إردوغان بتجنبه.